اللوبي الصهيوني في أمريكا- حقيقة أم خرافه- الجزء الاول-

اللوبي الصهيوني في أمريكا- حقيقة أم خرافه- الجزء الاول-

  • اللوبي الصهيوني في أمريكا- حقيقة أم خرافه- الجزء الاول-

اخرى قبل 3 سنة

اللوبي الصهيوني في أمريكا- حقيقة أم خرافه- الجزء الاول-

د.سالم سرية

يقول المفكرالفلسطيني المعروف صقر ابو فخر ان اليهود في المؤسسة الأميركية الحاكمة هم موظفو البلاط، وليسوا السادة أصحاب القرار. إنهم منفذون جيدون للسياسات الأميركية المختلفة، لأنهم يحتلون مواقع رفيعة، مستشارين وخبراء .... ثم يتابع ليست قوة اللوبي اليهودي في أميركا هي ما يقرر سياسة الولايات المتحدة في المنطقة العربية، بل إن مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة، وهي مكانة فائقة الأهمية، هي التي تمنح اللوبي اليهودي في أميركا عناصر القوة.    ..... أن هذا اللوبي يستمد قوته لا من استقلاله عن المصالح الأميركية، بل من خدمته المصالح الأميركية، والسعي إلى مطابقة المصالح الإسرائيلية على المصالح الأميركية. والدليل أن أميركا اعترفت بإسرائيل، فور إعلان دافيد بن غوريون تأسيس هذه الدولة في 14 /5/ 1948، ولم يكن اللوبي اليهودي قويًا البتة، بل ضعيفًا. ثم إن أميركا جهدت في تقديم الدعم لإسرائيل، بعد قيامها، لا لسواد عيون اليهود، وإنما لمجابهة النفوذ السوفييتي المتزايد، انطلاقًا من مبدأ ترومان.  .....  ولا يخدعنا الكلام على "المسيحية الصهيونية" الرائج جدًا في الكتابات العربية، فيهود أميركا هم، على المكشوف، ضد ما يسمى "المسيحية الصهيونية  . وفي الولايات المتحدة قطاعات سبعة، تمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد الأميركي هي: التكنولوجيا؛ صناعة السيارات والطائرات؛ الصناعات التعدينية الثقيلة؛ السلاح؛ النفط والغاز؛ الزراعة وصناعة الغذاء والدواء؛ المصارف؛ علاوة على الاتصالات والإعلام والسينما وصناعة الكحول والملابس. واليهود يغيبون عن معظم القطاعات الرئيسة، ولا وجود لهم في صناعة الغذاء على الإطلاق. وحتى في قطاع المال، فإن لليهود، خلافًا لما هو شائع، وجودًا في نحو خمسة مصارف فقط من بين أهم خمسين مصرفًا أميركيًا، أي أن وجودهم ليس مسيطرًا .(1)

ان وجهة النظر اعلاه ليست الا رؤيه صحيحة في احدى جوانبها (المصلحة الامريكية ومواجهةالنفوذ السوفياتي)والتي توضح الجزء الظاهر من جبل الجليد بينما الجزء الغاطس منه يدحض بعض ما جاء في حديثه اعلاه وهي كالتالي :

اولا :فيما يتعلق باعتراف ترومان باسرائيل عام 1948 فانه يقر بوجود لوبي صهيوني قوي حيث قال آنذاك  : "الحقيقة لا تنطوي فقط على وجود غير مسبوق لجماعات الضغط في الأمم المتحدة، لكن حتى في البيت الأبيض الذي تعرض لضغوط مستمرة، لا أعتقد أن البيت الأبيض تعرض  لهذا القدر من الضغط والدعايه مثلما تعرض في هذا الموقف، وجود قلة من القادة الصهاينة المتطرفين، مدفوعين بدوافع سياسية ومنخرطين في تهديدات سياسية، أزعجني   للغاية.(2)

ثانيا :فيما يتعلق بالصهيونية المسيحية (او المسيحية الصهيونية او اتباع األكنيسةالانجليكانية او المحافظين الجدد او الاصولية المسيحية او البروتستانت الجدد ....الخ )أقول ان هذا الموضوع بكل تفرعاته انما يمثله على ارض المجتمع الامريكي حركات دينية سياسية تعد بالعشرات (حواي 250 كما يقول  يوسف الحسن ص147) تعمل ليل نهار وبامكانيات اعلامية متطورة (بكل وسائل الملتيميدية (المرئية والمسموعة والمقروئه) وتكسب الملايين الى صفوفها وتبني الكنائس العملاقة عوضا عن الكنائس القديمة لإستيعاب المنتمين الجدد بحيث اصبحت معظم الولايات الجنوبية من امريكا تسمى حزام الانجيل وهي الولايات التي يحرص كل مرشح للرئاسة (او الكونجرس او مجلس النواب ) ان يستميلها الى جانبه .ان هذه الحركات الدينية السياسية اصبحت منذ مجئ ريغان للحكم وحتى الآن هي الرديف المساعد للوبي اليهودي المحدود العدد في امريكا(والذي له طبعا منظماته الضاغطه سنأتي على تفصيلها فيما بعد) .لذا لم تكن صدفة ان يقود امريكا اربعة رؤساء من اتباع المسيحية الصهيونية هم ريغان وكارتر وبوش الابن وترامب والذين حصدنا منهم الويلات اكراما لعيون الكيان الصهيوني الغاصب . لقد صدرت عشرات الكتب في امريكا وعدة رسائل ماجستير ودكتوراه وعشرات الابحاث السياسية الرصينة في الوطن العربي التي عالجت هذه الظاهرة الدينية السياسية وآثارها المترتبة على السياسة الامريكية الخارجية وعلى هيئات صنع القرار الامريكي (ساستعين ببعضها في مقالات لاحقه لفهم دور الدين في السياسة الامريكية ) .وقبل ان اخوض في توضيح هذه الظاهرة لابد من القول ان العديد من رجال الدين مسلمين ومسيحيين قد تناولوا هذا الموضوع عبر القنوات الفضائية ليرسخوا في ذهن المشاهد ان صراعنا مع امريكا هو صراع ديني وليس صراعا قوميا وحضاريا واقتصاديا بالدرجة الأساس وان الدين ليس الا بعدا واحدا من جملة ابعاد (اقتصادية وسياسية وقومية وحضارية متشابكة معا ومتناغمة مع بعضها البعض ) لذا اذا ركزت على هذا الجانب (الديني السياسي) يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار الابعاد الاخرى ضمن منطق قومي علمي وتحرري وليس ضمن منطق ديني بحت .

ان الموضوعية تقتضي ان نستعرض بعض الحركات الدينية السياسية التي تنتمي للصهيونية المسيحية الفاعلة في المجتمع الامريكي علما ان جل اهتمام المواطن الامريكي تتعلق بالسياسة الداخلية (البطالة والاجهاض وزواج المثليين والسحاقيات ...الخ )كما ان هناك ردة فعل قوية في المجتمع الامريكي حول ضياع القيم الروحية والاخلاقية نتيجة التطور التكنولوجي الامريكي مما ادى الى التفكك الأسري وجنوح الابناء الى المخدرات وانفلات الأباحية الجنسية .وهذا المناخ جعل ملايين الامريكيين يتجهون الى الدين بفرقه التي تزيد عن 3500 طائفة لها منظروها ولها كنائسها المعروفة .ومن منظمات الأصولية المسيحية الضاغطة ما يلي :

1-: جيري فولويل ومنظمة الأغلبية الأخلاقية: عدد أعضائها   6.5مليون أمريكي ومدت اتصالاتها البريدية والإلكترونية إلى حوالي 25 مليون أمريكي علاوة على اتصالاتها بالبيت الأبيض والكونغرس؛ وتصدر المنظمة الكتب والمنشورات، وأبرزها التقرير الشهري  الذي يصل الى مليونين ونصف المليون من المشاركين بما في ذلك الرئيس الأمريكي وكل أعضاء الكونغرس وحكام الولايات وأكثر من 82 ألف رجل دين فضلا عن كبار الصحفيين ومحطات الأخبار المسموعة والمرئية. “  وقد سلكت هذه المنظمة مسلك اللوبي بحيث تعمل على تأمين الدعم المالي للمرشحين للمناصب السياسية ممن يؤيدون وجهة نظرها، وتمكنت المنظمة من مخاطبة الأمريكيين وتوعيتهم من خلال شبكة فولويل الإذاعية والتلفزيونية الدينية وتعبئة الملايين من غير المهتمين بالعمل السياسي للانخراط فيه وممارسة الحقوق الانتخابية إضافة الى أساليب الضغط المكثف في الكونغرس سواء لإنجاح مشروع أو مرشح مؤيد لها وإفشال المعارضين وما يبين قوة نشاط المنظمة وكذا شعبية جيري فولويل وقدرته على الإقناع هو الاعتماد الكامل والكبير على هذا الواعظ التلفزيوني (فولويل )بحيث  عندما قصف بيغن عام 1981 المفاعل النووي قرب بغداد تخوف من رد فعل سيء في الولايات المتحدة ومن أجل الحصول على الدعم لم يتصل بسيناتور يهودي أو بكاهن يهودي، وإنما اتصل بفولويل.حيث كان بيغن قلقا لأن الأمريكيين في ذلك الوقت زودوا (إسرائيل) بطائرات f16 وبالقنابل لاستعمالها في حالة الدفاع عن النفس، واستعملها بيغن لتوجيه ضربة مبكرة إلى العراق. وهكذا طلب بيغن من فولويل قائلا :”اذهب إعمل من أجلي ” ووعده فولويل بأنه سيلبي ، و قبل أن يغلق سماعة الهاتف قال فولويل لبيغن “السيد رئيس الوزراء أريد أن أهنئك على المهمة التي جعلتنا فخورين جدا بإنتاج طائرات f16 ” . .( 3) ,(4) ,(5) .

نتابع حديثنا في الجزء الثاني بعون الله

الهوامش :

1-صقر ابوفخر - اللوبي اليهودي في أميركا وحدود القوة   https://www.alaraby.co.uk

2-نون بوست" http://www.noonpost.com/content/8024

3-اطروحة دكتوراة –يوسف الحسن يمكن تحميلها من الرابط https://www.noor-

4-الموسوعة الجزائرية للابحاث – https://www.politics-dz.com/

5-الصهيونية المسيحية –محمد السماك رابط التحميل https://www.noor-book.com

التعليقات على خبر: اللوبي الصهيوني في أمريكا- حقيقة أم خرافه- الجزء الاول-

حمل التطبيق الأن